قَالَتْ لِي : دَعْنِي أَدْخَل إلَى بساتينكَ الملوّنة وأقطف مِن ثمارِ النضوجِ النَّادِرَة أتحصَّن بِهَا مِنْ أخطاءِ وأغراءاتِ السِّنِين العَابِرَة فِي قِطَارِ الأزمانِ ، فَأَنَا أَرَى ثِماركَ تَتَلأْلأ وتتدلَّى مِن أغصانِ أشجارٍ شَامِخَة اِرْتَوَت وكبُرت مِن يَنَابِيعِ تجاربك وخبراتك بِالْحَيَاة… وَاسْقِنِي بكأسِ الحبِّ مِن خَمْرَةِ الْحَنَّان المعتَّقة فِي خَوَابِي مشاعرك الرَّقِيقَة وخواطركَ الْعَمِيقَة ، فأعطيكَ أَنَا بدوري قَارُورَةً مِنْ عطرِ النضارةِ وَالشَّبَاب مَمْزُوجَةٌ بِدَمْعِةِ حُزْنٍ مَنْ دُمُوعِي الْغَالِيَة ، أضمكَ بعناقٍ بَرِيء وأطربكَ بهمساتٍ دافئة تأخذكَ عَلَى صهوةِ حصانٍ أَبْيَض إلَى ذَلِكَ السَّهْل الْأَخْضَر حَيْثُ كُنْتَ تَلْتَقِي بِتَوْأَم روحِكَ وأميرة احلامك . . . أقنعتني بِكَلَامِهَا وأغرتني بِجَمَالِهَا ، ففتحتُ لَهَا قَلْبِي واسقيتها مِنْ كَأْسِ الحبِّ المرصَّع بأحجارِ العاطفةِ وَالْحَنَّان فَضَاعَت مِنِّي مَا بَيْنَ حدائقي وبساتيني وسَكِرتْ مِن خمرةِ الحبِّ الْمُعْتَق فِي تِلْكَ الْخَوَابِي. وَمَا زلتُ حَتَّى الْيَوْم أبْحَثُ عَنْهَا عبثاً وَلَمْ أَجِدْهَا لَا فِي اعماقِ بحاري وَلَا عَلَى رمالِ شطآني…. . لَكِن لمحتُ عَنْ طَرِيقِ الصُدَفَة قَارُورَة مرميةً عَلَى إحْدَى دروبي فِيهَا مِنْ عِطْرِ النَضَارةِ وَالشَّبَاب فَحَمَلتُهَا بِيَدِي وَأطَلَقتُ عطرها فِي ارجاءِ الْمَعْمُورَة وَإِذ بِذَاتِي الثَّانِيَة تعانقني عناقاً بريئاً وتهمس لِي بهَمَسَاتٍ تَأْخُذَنِي معها إلَى عَالَمِ الْأَحْلَام ثُمّ أحسُّ بدمعةِ الحزنِ تَتَدَحْرَج عَلَى خَدّي فألتقطُها بطرفِ إبْهَامَي وأمزجُها فِي قَارُورَةِ العِطْر فيكتملُ المشهد وتتطايرُ مني أحزاني.
!ها أنتِ اليوم وبعد أن دخلتي إلى بساتيني وتذوقتي من ثمارها النادرة ، زرتي حدائقي وانتشيتي من عطر أزهارها الملوَّنة ، شربتي من خمرة الحب المعتقة في خوابي عواطفي حتى الثمالة… لعلني أراكِ قد وفيتي بما وعدتِ به فأغدقتي عليَّ بقارورةٍ من عطرِ الشباب الساحر وفي كلِّ مرةٍ أتعطر به يستحضر بسحرهِ طيفكِ فأستنشقكِ إلى صدري وتدخلين في أعماقي ، تسكنين روحي ، أنخطفُ بنشوتي وأُسافر على صهوةِ ذلك الحصان الأبيض لألتقي بأميرة أحلامي في ربوعِ السهل الأخضر كما وعدتني فلا أجدُ سواكِ أميرة قلبي وطبيبة أخزاني ، ولكن دعيني أتوسلكِ أن تستبقي على دمعتكِ الغالية ، فما من أحدٍ يستحقها من أبناء جنسي سوى لحظة فراقي…!