ما أغربنا نحنُ البشر كيف نستميت في سبيلِ إنقاذ ما تضرر من أجهزة او معدات اخترعناها لأنفسنا بغية الترفيه ونغفلُ عن الإهتمام بأجسادنا تلك الآلات الرائعة التي وهبنا إياها الله مسكناً مقدَّساً لأرواحنا نتنقلُ بها حيثُ ما نشاء، نتذوق ما طاب لنا من مأكلٍ وننتشي بما تيسّر لنا من خمرةٍ وماء ، نلمس نستشعر ، نتواصل ، نكره، نحب ونتعرّف من خلال أدمغتنا اللامحدودة المعرفة إلى عالمنا المحدود المسجون في نطاق عالم البشر . أما عن ذاتي فهي توّاقةٌ للبقاءِ في ذلكَ الجسد حتى آخر لحظة من تاريخ صلاحيته فهو ملجأي ومركبتي الدنيوية أحلّقُ بها ما بينَ الحياة والموت في سماءِ المحبة حاملاً ومحملاً ما يكفي من مياه الإيمان ممزوجٌ بخمرةِ الحب الصادق لتمطرّ في صحراءِ البؤس إكسير الحياة وتنسابُ في جداول من نُحب ترتوي منها بذور القلوب العطشة لتنبتَ فيها براعم الفرح والسعادة . ولكن حينما تفرغُ تلكَ الخزانات من محتواها ستنشق المركبة حتماً لتسقط في عالم الموت والفناء فتتحرر منها الروح خاطفةً معها ذواتنا المسجونة في دنيا البشر إلى فضاءِ لامتناه قاصدةً عالم اللاوجود حيثُ نكتشف ما هو أغلى من الحياة ونستمتعُ بما هو أرقى من السعادة