لو رغبتي يا سيّدتي أن ترافقيني في رحلةٍ إلى عالمٍ مختلف ومميز ، عالمي الخاص على متنِ سفينةٍ بنيتُها من خشبِ أشجارِ الحب ونسجتُ أشرعتها على نولِ العلم والإيمان من خيوط العصيان والتمرد ، فما عليكِ سوى أن تجلسي في مقعدكِ المميز ولا حاجةً لكِ لأن تشدّي الأحزمة فأنتِ بأمان في عالمٍ أبعدُ من أن تطالكِ سهامُ الأذيَّةِ والإتهام ، سأرفعُ أشرعة خواطري على صواري الأحلام وأطيرُ بكِ إلى حيث لا تتوقعين.
هذا ماقالهُ لها في طريقِ العودة إلى عالم الواقع بعد أن رافقته على غفلةٍ من الزمن برحلة خارج أبعاد الكون والمجرات : لَا تتوقعي أَن تتفتحَ زُهُور الحُبّ الْحَقِيقِيِّ فِي حدائقِ مشاعركِ الرقيقةَ إنْ لَمْ تَكُن بَرِيئَةٌ وَصَادِقَةٌ وتفضحُ بِرَائِحَةِ عطرها الطَّاهِر آثَاماً وخطايا مِنْ سَبَقِهَا مَنْ زَيْفِ مَشَاعِرٍ وَشَهَوَاتٍ تَشَوَّهَت فِي نظراتِ وأفكار مِن التَقُوكِ مِن ذكورٍ لَيْسُوا رجالاً، وَمَا أَكْثَرُهُم . لَا تتأملي وَلَا تَنتَظري فَإِنَّ بَعْضَ الْفُصُول العاطفية قَدْ تَنْتَهِي قَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ .ثم أضاف : لَا تقلقي مِنْ الْحَبِّ يَا صغيرتي فَإِن حِبِّي حلمٌ قَد يَتَلَاشَى فِي ايَّةِ لحظةٍ مَع بزوغِ فَجْر الْوَاقِع ، وَقَد يتبدد كَمَا تتبدد الغُيُوم الْبَيْضَاءُ مِنْ سماءِ رَبِيع آتٍ واستطردَ قائلاً : أَمَّا أَنَا يَا أميرتي ، قلقٌ عليكِ مِن ذَاتِيٌّ الثَّانِيَة ، أخافُ أَن تلامسَ يديكِ وتقبلَ وجنتيكِ أن تضم خصركِ الناحل أن تضجع بمضجعكِ الدافيء ، غَضِبَت منهُ بعد أن تَشَوَشَت أفكارها واستوقفت الزمن على حدودِ التمرد والأنصياع الأعمى ، قدمت له استقالتها على طبقٍ من الأوهامِ مُرَصّع بقوانينٍ وأنظمةٍ تشوَّهت على مر الزمن..أستوعَبَ الصدمةَ بصمتٍ وقَبِلَ استقالتها على الفور، وقَوُّلبَ قلبه المذبوحِ درعاً على قياس صدرها يحمي به قلبها الرقيق من سهامِ الغدر لمجتمعٍ ظالم
ما أن وصلوا إلى أرضِ الحقيقة وحطّت بهما المركبة في عالم الواقع سألَتهُ مُستهجنة : بالله عَليكْ، قُلّ لي ما الذي حصل؟ ماذا جرى كي تتخلى عنّي ما بين ساعة وأخرى؟ أبلحظةٍ تتغيرُ المشاعر وتتبدلُ المواقع في القلوب؟ ألم أكن حبيبتكَ ،ملهمتك، أميرة قلبك وطبيبة اخزانك! كيف لكَ أن تتخلّى عني وبهذه السرعة دون أي استفسارٍ او سؤال ! أتراك فقدت الجرأة واعتزلت القتال لأجلِ من تُحب! حتى إنك وقّعّتَ على استقالتي دون أن تنظر بعيني… هكذا قالت بنبرةٍ حزينة فيها ألفِ سؤال على شكلِ عتاب…حينها لم تَكُن تَعْلم أنها تذبح قلبهُ للمرةِ الثانية وتطعن مشاعرهُ بذات الخنجر وهي القاضي والجلاَّد…

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You may use these HTML tags and attributes:

<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>