ليسَ مِن عاداتي ولا من شيمي أن اراقبَ الناس، ولكن لفتتني إحدى السيدات بينما كنتُ أنتظرُ دوري في إحدى الدوائر الرسمية لأنجازِ بعض المعاملاتِ الادارية ، كانت تتمشى ذهاباً واياباً بخطواتٍ انيقةٍ، يتدفقُ على كتفيها شعرها الكثيفُ الاسود كأنهُ شلالاٌ من الأغواءِ والاغراءِْ… تحملُ بين يديها قلماً ودفتراً كانت تدوُّنُ عليه كلمات وخواطر تراودها بين الفينةِ والأخرى. ثمَ غادرتْ مسرعةً على حينِ غرة عند مناداتها لأنجاز معاملتها وتركت بجانبي ما كانت تحملُ من اوراقٍ بعد أن استأذنتني… التفتُ إلى تلكََ الاوراق التي وُضعتْ إلى جانبي مكشوفةً بعد أن راودتني مشاعرُ الفضولِ والأحراج وما أن وقع نظري على تلك الرسالة حتى عجزت عن منع نفسي من قرأتها كُتبَ عليها التالي:
إلى حبيبي الغالي
قُبيلَ موعد ارتباطنا بأيامٍ قليلة لا بُدَ لي أن اصارحكَ بعدَ أن خَيرتني ما بين الحياة الزوجية ووظيفتي في خدمة المصلحة العامة..
لا شكَ أنَ مدرستي الأولى زرعتْ بفكري براعم العلمِ والمعرفةْ ونثرتْ بقلبي بذورَ الأيمانِ والمحبةْ ، كلُّ صفحةٍ قرأتها في بحرِ العلمِ والثقافة كانت مدماكاً لبناءِ منصةٍ انطلقتُ منها الى عالمِ الواقعِ والتحدّي…حيثُ مشيتُ على خُطىَ من سبقني من روُّادِ الفكرِ وعشّاق التطور وما أكثرهم في ارضِنا مقلعُ العباقرةِ والأنبياء ، ثمَ ارتشفتُ من نبعِ الثقافةِ والأنفتاح ما يكفي كي لا أغرق في مستنقعِ الجهلِ والتقوقع… نذرتُ نفسي لخدمةِ المجتع بما أملك من قدراتٍ وخبراتٍ متواضعة وما زلتُ حتى اليوم أقرأ في وجوهِ من أقابلهم وأتعلم من آثار ما تركت تجاربهم في غِمارِ الحياة الصعبة .
أخشى اليوم أن أقرأ في ملامح وجهك ما يمنعني عن تحقيق حلمي وتطوير ذاتي….
التوقيع : المرأة المتحررة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You may use these HTML tags and attributes:

<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>