سمعتُ بصغري من فَمِ عَجُوزٌ شَمْطأُ وبصوتِها المُتَقَطِّع المُرتجف عَن مكانٍ غريبٍ يُجاورُ مقابرَ الْقَرْيَة وكانت تلكَ العجوز تُخيف الصِغار والكبار من صدقِ توقعاتها ونبؤاتها… على ذمّةِ العجوز : 😅 قِيلَ أَن هنالكَ مَقْعَدٌ صَخْرِيٌّ قَدِيمْ يشبهُِ الْعَرْشَ تَرَبَّع تَحْتَ ظلالِ أشجارِ السَّرْو والسنديان المعروفين بحُرَّاسِ الْمَقَابِر الْعَتِيقَة،… مقعدٌ منحوتٌ عَلَى أيدِ أَحَد الرهبانِ الْأَتْقِيَاء مُنْذُ سَنَواتٍ مَضَت بأزميلٍ مِن عِظامِ الْمَوْتَى.. نُحِتَ فِي ظُلْمَةِ الليالِ الحالكة وبغيابِ نُورِ القمرِ ، وكانت الغربان السود تأتيه بحبات التوت والتين يسد بها جوعه طوال تلك الفترة، وكانَ كُلَّمَا جلسَ عَلَيْه تأملَ تلكَ المدافن وناجىَ الْأَرْوَاح ،فتلبِّي دَعْوَتَه وَتُصْبِحُ حَاضِرَة بَيْنَ يَدَيْهِ تجالسه تحتَ ظلالِ الأشجار تحادثه وتُجِيبهُ عَن الفِ سؤالٍ وَسُؤَال وتُخبرهُ عَن اسرارِ الْعَالِم الْمَجْهُول.. . وَبَعْدَ أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ وَأَسْكَنَهُ جنَّاته ، جَرَت الْعَادَةُ مَعَ أَهْلِ سكَّانِ الْقَرْيَةِ أنْ يَجْلِسُوا عَلَى ذلكََ الْمَقْعَد الصخريّ فِي الليالِ الْمُظْلِمَة يناجو أَرْوَاحَ مَنْ فَقَدُوا مِن احباء لملاقاتهم فِي حديثِ عتابٍ أَو بعناقٍ حَمِيم …. وَأَنَا بدوري أيضاً وبعد ان كبرت ذَهَبَت كَمَا أَهْلِ الْقَرْيَةِ ذات ليلة إلَى ذَلِكَ الْمَقْعَد الصخري لأجلسَ عليه وأُناجي مَنْ فَقَدَتُ مِن احباء ، اتامل وَانْتَظَر بِفَارِغِ الصَّبْرِ لملاقاتهم ، وَقَد ذُهلتُ وتفاجأت عِنْدَمَا وَصَلتُ إلَى مَقْصِدِي بوُجِودِ ذَاتِيٌّ الثَّانِيَة متقوقعة دَاخِلٌ ذَلِكَ الْعَرْشُ تَنَاجِي رُوحِي وتنتظر لقياها ، تَقَدَّمتُ إلَيْهَا رويداً رويداً وعانقتُها بَعْدَ أَنْ مَسَحَتَ عَلَامَات الدهشةِ عَن مَلامِح وَجْهِي وقد اكملت بذلكَ مشهد الرواية..!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You may use these HTML tags and attributes:

<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>