قرّرتُ اليومَ ألَّا اُكْتُب،لَا عَنْ الْحُبِّ فيتعب قَلْبِي وتدبل مشاعري ، لَا عَنْ السِّيَاسَةِ فأُفسدُ عَقْلِيّ وأستفزُّ قناعاتي وَلَا عَنْ الدَّيْنِ خوفاً مِن أن أُتهم بالكفرِ والتجديفِ ، فأسدلتُ الستارةَ عَلَى نافذةِ أَحْلاَمِي وأوصدتُ أَبْوَاب الْخَوَاطِر وَالْأَفْكَار ، خاصمتُ حَوَريات الجنّة وجنيّاتها الأرض وأشحتُ بِوَجْهِي عَن ملائكةِ السَّمَاء . وَإِذَا بذاتٍ مِن ذَوَاتَي الِاثْنَيْن تنتفضُ عَلَى ذَاتِهَا وتتمرد عَلَيَّ فَتُرْفَع السَّتَائِرَ عَنِ نَوَافِذ أحلامي فأنبهرُ بنورِها وأنجرف بتياراتها وَتُفْتَح الْأَبْوَاب الموصدة بوجهِ الخواطرَ وَالْأَفْكَار فتتدفق شَلاَّلا جَارِفا يَأْخُذُنِي إلَى نَبَع الْمَعْرِفَة ويهديني مِفْتَاح الْأَسْرَار ، وأيضاً نَظَمَتِ الْأَشْعَار وَأَنْشَدْت لحواري الْأَرْض وجنيّاتها رغماً عَنِّي فرقصنَ لها فرحاً وسمعنَ ألحانها طرباً . . . وابتهلت لِمَلَائِكَة الرَّبّ بترانيمٍ سَمَاوِيَّة فَسَجَدْتُ أنا إمَامَ رَبِّي كفرتُ بِلَونِ الحبرِ وكسرتُ ما تبقّى من قَلَمِي