بعدَ أن رَزقنا الله بطفلنا الأول وقفتُ في إحدى ليالي الشتاءِ الباردةّ داخل غرفته وكان ما زالَ رضيعاً ، في قلبي نهرٌ جارفٌ من السعادةِ والحنانْ وعلى كاهلي جبلٌ هائلٌ من الخوفِ والمسؤوليةْ ،… ، قطعتُ لهُ وعداً وعلى نفسي عهداً بأنَّ كلَّ شيءٍ سيكونُ على ما يرام، وجدتُ نفسي اسيرُ على خُطى ذلكَ الرجل الذي قطعَ نفسَ الوعدْ والعهدْ منذُ سنينٍ مضت ،حينها كنتُ لا ازالُ طفلاً ضمن عائلةً من الاخوةِ والأخواتِ يقاربُ عدد افرادها عدد أصابعُ اليدين ،كنتُ اعلمُ انهُ سيكونُ كلَّ شيءٍ على ما يرام بالرغمِ من الظروفٍ المعيشيةِ الصعبة في تلكََ الحقبةِ من الزمنِ التي كانتْ تَتطلَّب السعي الدائم لتأمينِ لقمة العيش….. وهبني ابي الثقةَ بالنفسِ وعلّمني أنَ خدمةَ ومحبة الناسِ رصيدٌ مهمٌ يُصرفُ منهُ في ظروفٍ أستثنائيةٍ وحرجةْ… عندما دفنتُ ابي وعدتُ إلى البيتِ عانقتُ أُمي أو ما تبقَّى من تلكَ المرأةِ الثكلىَ التي بالكاد عرفتني والتي نذرتْ حياتها لأجلِ عائلتها ، حينها ادركتُ انني خسرتُ الرجلَ الوحيد الذي حاربَ وناضلَ لأكون افضل منه….