تمرُّ بنا الحياةُ وتلفحنا على أرواحنا العارية بكلِّ أنواع التجارب والمحن ، تَمُرُّ علينا كنسمات الصيف الحارّة تزرع في نفوسنا بذور الإختبار تحت شمس ذواتنا الحرّة ، من يسقط منها في النفوس الطاهرة يرتوي من نبع الإيمان فتتفتح براعمها بأزهار الصدقِ والمحبة وترتفع بنا إلى ما فوق دنيا الفناء، ومنها ما قد يسقط في صحراء النفوس الضعيفة فتسقط وأصحابها على هامش الحياة كأوراق الحور في فصل الخريف يتقوقعون على أنفسهم ويحتمون ببعضهم في كوادر من مشاعر الفرح المزيفة متوهمين بالنجاح غافلين بأنهم في محطة أنتظار مؤقتة قد تحملهم رياح الموت في أيّة لحظة إلى عالم الغيب والفناء

لأن الكتابةَ مرآةُ الصدق تعكسُ حقيقتنا على وجوه من يقراؤن وتستحضر ذواتنا المختبئة من خلف ستارة الخوف والحرج ،تستحضرها الى قاعة المحكمة ، محكمة البشر تنتظرُ حكم المجتمع متمسكةً بعدلِ السماء ،سأبقى هاهنا ساجداً على ضفاف نبع الخواطر استجدي منه قطرات من خمرة  

العشق والحنان أشربُ منها حتى الثمالةِ وأكتبُ ما يرضيني ويعجبكم عن جنوني بالحب وتمردي على الواقع علَّني أحظى بحكمكم قبلَ أن تغيب عنّي الجرأةَ ويضيع مني الإيمان 

عذرا منكِ يا سيدتي لو انكسر قلبي وغصّت الكلمات وعلقت بمخارج الحروف وبتُ عاجزاً عن النطق وانهارت مشاعري بعد ان اعتذرتي وتخلفتي عن لقائنا المنتظر فما زلتُ حتى اللحظة أُلملم بيارق اشواقي المحروقة بنيرانِ رفضكِ وأضمدُ جراحاً نازفةً من آثار معركةٍ شرسة وصراعٍ مرير ما بين مشاعري الرقيقةَ وقساوة ذلك السد المنيع الذي بنيتِهِ انتِ بيديكِ من جلاميد عادات وتقاليد لمجتمعات توقفت معها عقارب الزمن منذ الأزل . حينما دقت الساعة الَمنتظرة ،ساعة رحيلي توقفت دقات قلبي بعد ان فقدت مصدر الالهامِ والطاقة ، زبُلت خواطري وانكفأت نسماتُ الإلهام عن شراع مخيلتي ورست سفينتي على شطئآنِ الظلمة والضجر تنتظرُ لمعان عيناك لتوقظها من جديد.. وامام هول ما اصابني اجد امامي من يتربع على كرسيه وكأنهُ سلطان عصره يداعب معدته وكأنه يلهيها عن الم الجوع ويقلب صفحات كتاب من اللاشيء ليتعلم منه اللاشيء يحاول ان يقرأ الشعر ويكتب الخواطر وهو لا يدرك بان الخواطر ما هي الا انعكاسات لمشاعرنا الحقيقية تمر في سماء مخيلتنا كأنها غيوم تحمل ما يخالجنا من مشاعر واحلام لتمطرها بكلمات وسطور على صفحات يومياتنا لتصادف من يقرأها ويتلذذ بمعانيها ، اما انت يا صديقي فلو حصل وامطرت خواطرك على صفحاتِ يومياتك فستمطر حتماً ما طاب ولذ من السندويشات التي تسبح في سموات مخيلتكَ وانواع الصلصات لتجد من يلتهمها ويتلذذ بطعمهاعلى مائدة احلامك… 😂😂😂

 

إنحنت قلوبنا المثقلة بالحب الممتلئة بالتسامح وتدلت كسنابل القمح الغنية بحبيبات الذهب أمام خالقها قبيل موسم الحصاد. إنحنت بخشوع فوق سهول النفوس العطشى للسلام تنثر من بيادرها بذور المحبة على مساحات الكون ، إنحنت تزرع بأيادي التضحية والعطاء دوالي الإيمان تنسحق ثمارها تحت رحى طواحين الخالق لتنساب عصارتها خمرة الخلاص في كؤوس الخطأة. إنحنت قلوبنا لا بل سجدت سجود المجدلية تحت أقدام يسوع تبكي وتداوي تلك النفوس المريضة المحترقة بنار الحقد والنميمة تطلب لها الصفح والغفران ،تبكي عليها علها ترتوي بدموع الشفقة وتغتسل بمياه الطهر لتنبت في ضمائرها براعم الحقيقة الساطعة كنور الشمس تنير العقول المظلمة وتمحو الاتهامات الظالمة

أميرتي تعاتبني تحاسبني ،تعدُّ لي أخطائي وتشيرُ لي بأصبعها تدلني على كلِّ هفوةٍ من هفواتي،تضعني في قفص الإتهام مكبلُ اليدين عاري حتى من ذاتي ،تتربع على عرشها تعاقبني ثم تصدر أوامرها لأكثر الجلاّدينَ قسوةً فينهال على عري جسدي بسوطه الأبكم بآلاف الضرباتِ .أميرتي لو رغبت تستطيع أن تحصي أنفاسي وتقيس لي عدد نبضاتي لكنها لا تُدرك بأنها من دفعتي إلى عالم الجنون وهي التي أقصتني من أجمل الجنّاتِ


طلبَ مني أحد الأصدقاء المقربين أن أعطي رأيي بالمرأة وأن أستفيض بالشرح والكتابة عنها شرط أن لا تتضمن كتاباتي كلمات عن الحب أو المشاعر فكتبت ما فاض لي من أفكارٍ وخواطر أشرح بها عن عشقي للدنيا ومفاتنها ولم أذكر لا من بعيد ولا من قريب كلمات توحي عن الحب ،وبعد أن قراء ما كتبت إتصل بي معاتباً مستنكراً ثم قال:أعجبني ما كتبت ولكن كان اتفاقنا أن تكتب عن المراة وها أنت قد كتبت عن الدنيا ماذا الذي حصل ؟ قلت له : يا صديقي أقسمُ لك بأنني لم أخل بوعدي لأن المرأة بالنسبة لي هي الدنيا والدنيا هي المرأة لا فرق عندي بينهما.

عذراً منكَ يا حب ووداعاً لكِ يا سيدتي فقد غرقت سفينة أحلامنا في عاصفةِ قيود المجتمعات الظالمة ، تحطمت صواريها على صخور الحقد والنميمة وتمزقت أشرعتها بألسنةِ الغدر والحسد . عتبي عليكَ يا قدرُ كيف تنحاز لجهة ابليس وتقف مع الحقد الأسود في مواجهة ملائكة السلام حراس الحب البريء عجبي منك كيف تورطت في صراعٍ أبدي ما بين الخير والشر لن تصل في خواتيمه إلا إلى مستنقعات الذل والأندثار… لا يا اميرتي وألف لا ،لا تصدقي ما قرأتهُ عيناكِ فهو ليس إلا صوراً وأوهاماً في مخيلةِ أصحابِ النفوس الضعيفة، أما أنا ما قلتُ لكِ يوماً سوى حقيقة مشاعري الساطعة كنور الشمس في وضح النهار فأنَّ حبي لكِ يا صغيرتي لا يشبهُ القصيدةَ العربية التي تجمع بخواتيمها عاشقين في مشهدٍ رومنسي تحت ظلالٍ من باقاتِ الورد الأبيض بل هو أقربُ إلى سفينةٍ بنيت أخشابها من غابات عشقي ونُسجت أشرعتها على نولِ حنيني وارتفعت صواريها في سماء الشوق تعانق رياح التحدي لن تقوى عليها عواصف الحقد والنميمة ،ها هي تبحرُ بنا على أمواج الطموح والتمرد إلى جزر الحب والأحلام تلك الأرض المحمية بملائكة السلام حيث لا تطالنا سهام الغدر ولا تنال من أفكارنا سموم الحقد .أحبك حتى يندثر الكره يستسلم الحقد ويسجد تحت أقدام عرشك المرصع بأبياتِ شعري محميُ ببطشي وحنيني

خطفها من احضانِ كأس الفودكا من على شاطئ الأحلام وضمها إلى صدره وقال : احبكِ حبٌ لا تتسعُ له قلوب العالم مجتمعةً، فأجابته على الفور وأنا اعزكَ من كلِّ قلبي ووجداني… فتح عيناه بعد ان اغشتهما مشاعر الخيبة والألم فوجد ذاك السد المنيع يفصل ما بينهما، تمهل قليلا تاركاً لقلبه فسحةً من الأمل لاستيعاب الصدمة ثم قال . ألا تشرحي لي ما معنى أعزك فما عدتُ افقه اللغة العربية يا سيدتي..؟ أبتسمت دون ان تنظر بعينيه وقالت بالله عليك أما عدت تفقه اللغة العربية وانت الذي تتفجر من بين ضلوعكَ ينابيع الخواطر والأفكار..! انتَ لي اخٌ وصديق أخشى عليك من الحزن والالم واعمل ما بوسعي جاهدةً لازرع بقلبك السعادة والفرح … قال : سأبقى فرحاً في عالم التمني والخيال هنالك في عالمي الخاص محصن بذاتي عن اذى البشر فأنا حريص على مشاعري الرقيقةَ . قالت بصيغة السؤال : عالم الخيال؟! يبقى خيال ومعظم التمنيات لا تتحقق.. . قال : ان عالم الواقع يولد من رحم الخيال ومن بذور التمني لا نستطيع ان نعيش الواقع قبل ان نمر بعالم التمني والخيال. فعاجلته بسؤالٍ محرج بعد ان انخطفت بعالمه وتحليلاته : إذاً قُل لي بماذا تحلمُ الآن وما الذي تتمناه؟ تنهد وقال، اتمنى ان تتغير معانِ كلمة اعزك الى معانٍ ومصطلحات من لغة الحب والغرام واحلم أن تهدمي ذاك السد المنيع بمطرقة الجرأة والتمرد وترتمي ما بين زراعي اضمكِ الى صدري حتى نكاد لا نفرق ما بين انفاسي وانفاسك

لطالما تكلمتُ عن ذاتي الثانية التي تعارضني وتتمرد عليِّ وعلى تقاليد المجتمعات وعاداتهم بمعرض ما كتبت من خواطر وعن الصِراع الدائم ما بين النقيضين ولطالما كنتُ مؤمناً بأن سرَّ إستمرارية الحياة يكمن في الصِراع الدائم ما بين الشيء ونقيضه حيث تكونت نواة الحياة من رحم صراع الأضداد وأصبحت المحور . ها أنا أُخبركِ اليوم وأعلنُ على الملأ إنني وقبل أن أغرق في بحرِ عينيكِ ، أنخطف بسحركِ وفنون حركاتك، أنجذبُ الى عالمكِِ الخاص أستعطفكِ أطلبُ رضاكِ ، وقبل أن أستفيق لأجد نفسي مجنونٌ بكِ أسكنُ ما بين الجنة والنار أتجرعُ من كأسِ النقيضين خمرة الاستمرارية والخلود،أسافرُ على بساط الأحلام اللامتناهية لأقطف من مروج المشاعر المرهفة ما يحلو لكِ من كلماتٍ وممفردات ،قبل ذلك يا أميرتي كنتُ أعيش هنالكَ بسلام في ذلك العالم التقليدي، عالم البشر أكتبُ ما تيسَّر لي من الخواطر أُعبر بها عن مشاعري وأصفُ جمال من أُصادف من نساءٍ الأرض، أما اليوم أجدُ نفسي منحازاً إلى عالمكِ أنتِ عالم التناقض والجنون أتمردُ على قواعد الكون وأخرج من ذلك الوسط المسالم لأنحاز إلى عالم المواجهة والتحدي وأعلن الحرب الكونية على من يعارض مسيرة حبنا متحدياً العالم بأسرهِ إكراماً لعينيكِ

ما أغربني عندما اشكو من ألمٍ أجدُ معهُ لَذتي ،ادمنت العذاب وتصالحت مع الألم وبت اشتاق لصولات وجولات من المعارك الضارية ما بين تبريراتي الضعيفة وعتابك الحاسم المؤلم .أحس بكلماتك تتوالى كضربات السوط على عري مشاعري الرقيقة وتترك آثار جراح لعقاب حب برئ لا تمحى إلا بقبولاتك الحارة ، فأنت يا معذبتي تشبهين الدنيا نحبها ونعشقها ونموت من أجلها رغم قسوتها وآلامها .ولكن حبي لك تخطى حب الدنيا بأشواط وأشواط وأصبحت مشاعري اقرب إلى الجنون منها إلى الحب البشري .أنت حياتي ودنياي منك أتألم ولك اشكو .انت رمز الخطيئة والاغراء مصمودة في معبد القداسة والطهارة .انت عذاب الجحيم ونعيم الجنة ،يا من يطيب الموت في احضانك وعلى عُري جسدك الآسر من اجل حب ما استحقه سوى من ذاق عذاب الجحيم، جحيمكِ انتِ إكراماً لعينيك فنال بذلك رضاك وربح نعيم جناتك