تَمشي بخطواتٍ مُتسارعة، متلهفةٌ للقاءِ الحبيب. تتشكلُ حُبيباتَ المطر بلوراتٍ صغيرة تتدلى من على اطرافِ مظلتها التي تتصارعُ مع كلِ نسمةٍ من نسماتِ البرد القارص . شفتاها الورديتان تحولتا إلى لونٍ بنفسجي… تَعبت… أخذَ منها التعب..تحاولُ أن تلتقطَ أنفاسها من براثنِ صقيعٍ لا يرحم.. إنها على وشكِ الأنهيار…في آخرِ لحظةٍ وعلى شفيرِ السقوط تلتقي عيناها بعينيه. تناديه بصوتٍ عذب وانفاسٍ متقطعة : ها أنا يا حبيبي، ضمني إلى صدرك وعانقني بقدرِ ما أُحبكْ حتى اعجزُ عن التفريقِ ما بينَ نبضي ونبضك.. دعني أتغلغلُ في حنايا صدرك أحس بدفىء أنفاسك فأنا بحاجة لسماع خفقان قلبك..

بالأمسِ وَبَعْدَ أَنْ خطفكِ النَّوْم عَلَى غفلةٍ مِنِّي وأغراكِ بأحلامهِ الورديِّة كنتُ عَلَى وشكِ أَن ابوحَ لكِ بمكنَوناتِ صَدْرِي علَّني أُطَمّئِنُ بِهَا طُيُور الشَّكّ الَّتِي تحلّقُ فِي سماءِ الاوهامِ لتحطَّ عَلَى بيادرِ النُّور وَالْيَقِين ، انتِ يَا اميرةَ قَلْبِي ، عشيقةَ رُوحِي ، ملهمتي ،وطبيبة اخزاني. يَا أرقَّ الْقُلُوب ، وارهف الْمَشَاعِر. يَا مَنْ تغفو احلامها فِي حَنَايَا صَدْرِي وَفِي أَعْمَاق أَحَادِيثَنَا الخجولة ، عَلَى مخدةِ وِجْدَانِيٌّ ، يَا مَنْ اخافُ عَلَيْهَا مِنْ نظرةِ شكٍّ أَو اتهامِ . يَا امرأةً نَسيت بَراءةِ الطُّفولَةِ أَن تغادرَ مقلتيها ، أَرَاهَا بلمعانِ عينيكِ ، أَسْمَعُهَا بعذوبةِ صوتكِ وَقَهْقَهَة ضَحِكاتكِ كَأَنَّهَا الحانِ ، ألمحها بِفِكْرِي بمصطلحاتٍ وتساؤلاتٍ تَتَطَايَر مِنْ بَقَايَا حديثٍ دارَ مَا بَيْنِي وبينكِ مِن أزمانِ ، أَسْمَعُهَا قَلَقٌ وتَساؤلاتٌ لَا تُوجَدُ إلَّا بِعَالِم الطَّيِّبَة والأحلامِ . يَا شمعةً تُنِير بضؤِها السَّاحِر طَرِيق اطفالٍ تشابهُ بِجَمَالِهَا مَلَائِكَة النُّورِ فِي عالمٍ الظلامِ . عالمٌ جُبِلَ بِتُرَبَةِ الْقَسْوَة وبُنيَ بأيّدِ الْمَجْهُول . شمعةٌ تَذُوب بتضحياتها مَا بَيْنَ حَنَانِ وَعَطْفِ الْأُمّ ودَور الْمَرْأَة الْعَامِلَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ الظَّالِم . انتِ وَجْه الْحَبّ الطَّاهِر ، وَرَمَز الإغراءِ وَالخَطِيئَة فِي آنٍ وَاحِد ، أَنْتِ مَصْدَرُ فَرَحِي وَسَبَب أحْزَانِي . تشبهينَ نسماتُ الصَّبَّاحِ النَّاعِمَة تنعشينَ رُوحِي ، تداعبينَ مشاعري أسجد أمامكِ أضمكِ إلَى صَدْرِي أستنشق رَائِحَةَ عطركِ السَّاحِر واضيعُ كطفلٍ بينَ تفاصيلَ جَسَدِك الْآسْر . انتِ اللاشيء وانتِ كُلِّ شَيْءٍ . أطمأنّي يَا صغيرتي وَلَا تقلقي ، فَمِن شدّةِ حِبِّي لكِ قَد اتواطئُ معكِ عَلَى اغتيالِ ذَاتِي وأخونها خلالَ نزهةٍ عَلَى ضفافِ نهرِ الصِّدْقُ وَالْوَفَاءِ قَد نطعنُ نَفْسِي سويَّةً بخنجركِ المرصَّع بِأَحْجَارِ الْخَوْف وَالْقَلَق لَتَسِيلَ دِمَائِهَا فِي جَدَاوِل التَّضْحِيَة وَالطُّمَأْنِينَة وَتُصَب فِي بِحَار الْآلِهَة . . . آلهةالحب الْحَقِيقِيّ . ♥️♥️♥️ .

  • أَرَاهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَتَمَشَّى ويَتمَختر عَلَى مَرْجِ حديقتي الْأَخْضَر دُونَ استأذانٍ أَوْ خَوْف ، يَتَفَقَّد بَراعِمَ الْوَرْدِ أَن تَفَتَّقَت وَأَلْوَانُ الزُّهُور لَو تَفَتَّحَت . عُصْفُورٌ أَسْوَدٌ يتباهَ بِمِنْقَارِهِ الْأَصْفَر يَتَمَرَّغُ عَلَى تُرَابِ الْأَرْضِ ثُمّ يَتَنفضُ بِجَنَاحَيْهِ البرَّاقينِ ويَتَلَفتُ إلَيّ مُتَحَدِّياً هَيْبَتِي وحُضُوري … صَرَخْتُ بِهِ مُنَادِيًا بَيْنَمَا كُنْتُ جَالِساً عَلَى كُرْسِيٍّ الهزاز أُحَاوِلُ أَنْ أَكْتُبَ مَا تيسَّرَ لِي مِنْ أفْكَارٍ وَخَوَاطِر لِأَعُودُ وأرميها فِي جَدْوَلِ النِّسْيَانِ …مَاذَا تَفْعَل فِي أَرْضِي وحَديقتي ؟ أَلَمّ تَسْمَعُنِي ؟ ! هَكَذَا نَادَيْتُ عَلَيْهِ للمرةِ الثَّانِيَة بِصَوْتٍ جُهوري ونبرة حَادَّة فِيهَا مِنْ الجِدِّيَّة وَالتَّهْدِيد مَا يُخِيفُ عَنْتَرَة . ! 😅 …. الْتَفَتَ إِلَيَّ بهدؤ وَسَأَلَنِي أتُخاطِبُني يَا ابْنَ الْإِنْسَان .؟! أَخَذْتَنِي الْحِيرَةُ والدهشةُ وَلَم أَصْدَقَ مَا سَمِعَتهُ أُذُنَاي. ، عُصْفُور يَتَكَلَّم . ! ! ؟ اغمضتُ عَيْنَاي لبرهةٍ لأتأكد إنْ كُنْت فِي الْحِلْمِ أَم الْيَقَظَة ثَمّ فتحتهما لَأَجِدُه مِلَاكاً عَلَى شَكْلِ مَا تَصَوَّرَهُ الْإِنْسَان ورسمه بلوحاتٍ فنيّة وَكَمَا تَشَكلَ بايادِ النحاتين المُبدعين . . . مِلَاكٌ بِجَنَاحَيْن الْجَنَاحُ الْأَيْمَن لَوْنُهُ أَبْيَضُ نَاصِعٌ بِرِيشٍ نَاعِمٍ يشبهُ رِيشُ النَّعَامِ أَمَّا الْجَنَاحُ الْأَيْسَرِ مَصْبُوغٌ بِاللَّوْنِ الْأَسْوَد وَلَه رِيشٌ يُشَابِهُ رِيش الْغُرَابِ . فِي عَيْنَيْهِ سَطْوَةٌ مخيفةٌ وحنانٌ وَعَاطِفَة جياشة ، لَوْ نَظرَتَ إلَى عَيْنِيَّه تَضْمَحَل الْأَشْيَاءَ مِنْ حَوْلِكَ وَتَخْتَفِي الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ . سَأَلْتُهُ بَعْدَ أن تخليتُ عَن ذَاتِيٌّ الزَّائِلَة وَتَرَفّعْتُ إلَى رُوحِي الصَّافِيَة . . . مَنْ أَنْتَ ؟ قَال : أَنَا الأله المجهول مِلَاكُ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، أَنَا حَارِسُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، أَنَا نَبَعُ الْحُزْن والْفَرَح . أَنَا خَمْرة الْمَحَبَّة وَعَلْقَم الْقَدْر ، أذهبٌ حيثُ ما تذهب ورابضُ حيثُ ما تربض . . لَو عانقتكَ بجناحي الْأَيْمَن لِلَحْظِهٍ تَكُونَ قَدْ خَرَجَتْ لتوّك مِنْ تَحْتِ جَنَاحَي الْأَيْسَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ لحظةٍ مُمَاثِلُة… . ثُمَّ قَالَ : بِالتَّأْكِيد أَنْت فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ فَقَدْ قَابَلَت جَدُّك مُنْذ قُرُون مَضَتْ عَلَى قِمَمِ جِبَال لُبْنَان الشَّرْقِيَّة وَفِي ضَوَاحِي قانا الْجَلِيل يَقْتَفِي آثَار خُطُوَات الْمَسِيح المخلّص وَيَبْحَثُ عَنْ بُذور الْمَحَبَّة وَالْإِيمَان علّه يَجِد سَبِيلًا لاكتشاف لُغْز النَّفْس الْبَشَرِيَّة . حينها سَجَدَتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وانحنيتُ بِرَأْسِي بَعْدَ أن تَقَدُّمَ مِنِّي وعانقني بِجَنَاحِيه قَائِلًا يَبْدُو إِنَّك سَائِرٌ عَلَى خَطَّى جَدُّك أخشى عليكَ أن تضيعَ في بحرِ أسرار الدُنيا وتتوه بأغوارِ المجهول..ثُمَّ رُفِعَتْ بِرَأْسِي لَأَجِدُه قَد تَوَارَى عَنْ الأَنْظَارِ عُصْفُورٌ جَمِيلٌ أَبْيَضُ . . ! . مِلَاك الظَّلام والنُّور

لَيْتَنِي أَسْتَطِيعُ أَنْ انْزِع ضَمِيرَي مِنْ عَقْلِيٍّ ، وأقتلعهُ مِن جذُورِ وِجْدَانِيٌّ وأعتقُ مَبادِئِي مِن إغْلَالِ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ ، حبذا لو أَبِيعُهُ أَو اسْتَبْدَلَهُ بِضَمِيرِ أَحَد المرابين الْمُنَافِقِين الَّذِينَ بَاعُوا قُلُوبهمْ فِي مزاداتٍ عَلَنِيَّة باسواقِ النَّحَّاسِين وتاجروا بمشاعر الْبَشَر ، استعرضوا بِهَا عَلَى بَسْطاتِ النزوات وَالشَّهَوَات الرخيصة ، باعوها كعلاجٍ لِأَصْحَابِ النُّفُوس الْمَرِيضَة فِي هياكلِ الشَّهَوَاتِ الزَّائِلَة ، تَخَيَّل لَو اسْتَطَعْتُ أَنْ أَقُومَ بذَلِكَ كُنْتُ سأُبقيِ عَلَى قَلْبِي الْكَبِير وأُحافظ على ينابيعهِ الصَّافِيَة الَّتِي تَصِبُّ فِي بِحَارِ عَوَاطِفِي الّلامتناهية ،اتاجر بها وَأَصْبِحُ كبيرُ تُجَّارِ الْحُبّ فِي ارجاءِ الْمَعْمُورَة أَبِيعُ مَا يَحْلُو لِي مِنْ مَشَاعِر وَأَقْرَض من اراد ان يستقرض انواع المشاعر والعواطف مِن خَوَابِي حِبِّي الطَّاهِرَة ثم استرجعهم اضعافاً مَعَ الْقِيمَةِ الْمُضَافَة مِنْ نَسَبٍ الْأَرْبَاح . . . كُنْت سأشفى مِن آلامٍ وَارْتَاح مِن عذابٍ لخطايا وآثامٍ مكدسةٍ فِي مُسْتَوْدَعَاتٍ سريّة امْتَلَأَت وَفَاضَت بِهَا… كُنْتُ سأوضبها باكياسِ النَّدَم واربطها بِخُيُوط استلت مِنْ قُلُوبٍ تَحَطَّمَت عَلَى شطآن الْخِيَانَة ، واوزعها بِالتَّسَاوِي عَلَى بَنِي الْبَشَر تُرمى مِن سَمَوَات الْعَدَمَ بأحضانِ النفوس النائمة وتتساقطُ عن أَجْنِحَةٌ الْأَرْوَاح التَّائِهَة بِفَضَاء الْأَكْوَان . فِي تلكَ اللَّحْظَة وَحِينَمَا تَتَسَاوَى الْبَشَرِيَّة بأخطائها كَخطِّ الأفقِ إمَام الْخَالِق سأَتقصدُ أَن اتفوق عَلَيْهِم بِخَطِيئَة وَاحِدَة . . ! واحدة فقط، سأخون العفة واكسر النذور، انزل من صومعة الناسك وأتمرد على ذاتي اخلع عني رداء التنسك واسجد امامكِ واعبد عيناكِ ، ساغازلكِ واغريكِ حَتَّى الثُّمالَةَ سأكبّلُ يَدَايَ بأغلالِ الْقَدْر وَأَطْلَق الْعِنَان لشفتين ملتهبين أَحْرَقُ بِهَا جَسَدِك العاري. ذَاك الْجَسَد الْأَسْر الَّذِي يَخْتَصر بملامحهِ وتضاريسهِ شَهَوَات واغراءات الْعَالِم مجتمعةً . .

قَتَلْتَنِي حبيبتي بسهامِ التَّضْحِيَة ونكران الذَّات بَعْدَ أَنْ نَذَرْت نَفْسِهَا لِآلَهة الْحَبّ واحتَبَسَت فِي اديرةِ العفَّةِ وَالطَّهَارَة ، فتقمَّصت رُوحِي بجسدِ عصفورٍ جَمِيل بَعْدَ أن متُّ قهراً ودُفِنَتْ جثتي فِي ترابِ نَاصِعٌ الْبَيَاض تَعْبَق مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ فِي إحْدَى حَدَائِق الْجَنَّة المعروف بِاسْم نُكْرَان الذَّات تَحْت ظلالِ اشجارٍ شَامِخَة تتباهَ بثمارِ الْمَحَبَّة وَالْوَفَاء الَّتِي َ تتدلَّى مِن اغصانِها َوتنشر بطيب عطرها رَسَائِل الْمَحَبَّةِ فِي ارجاءِ دُنْيَا الْبَشَر الَّتِي تَتَشَابَك بحدائقها أَغْصَان الْغَيْرَة والأنانية فتتفتق مِنْهَا بَراعِم غَرِيبَةٌ بِأَلْوان الْآثَام وَالخَطِيئَة… تَحَرَّرَت رُوحِي مِنْ خَطَايَا الْبَشَر والتجاتْ إلَى قلبِ ذَلِك الْعُصْفُور ا فَتَحَوَّل ملاكاً أَبْيَض بِجَنَاحَيْن جميلين ، نَعَمْ أَنَّهُ الْعُصْفُور الَّذِي كَانَ يَتَرَدَّدُ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنَ ذلكَ الكوخ الْقَدِيم وَيُشْهِدُ عَلَى اِنْدِماج جسدين بروحٍ وَاحِدَةٍ حَيْثُ كُنَّا نَلْتَقِي نطفيء بعناقنا وبقبولاتنا شَوْقٌ قَلْبَيْن ملتهبين بِنَار الحبِ والعشقِ الَّذِي نَبَتت بذوره وروداً حَمْرَاء إلَى العلنِ وَتَشَابَكَت جُذُورِه بالخفاءِ تَحْت رمادِ الغيرةِ وَالْقَلَق ، حِينِهَا كُنا لِا نْزَال فِي سنِّ الْمُرَاهِقَة نتفلّتُ رويداً رويداً مِنْ شَجَرَةٍ الْبُرْأَة وننجرف فِي تيارات الْغَرِيزَة وَالْإِغْرَاء كَمَا تتفلت أَوْرَاقِ الشَّجَرِ مِنْ أَغْصَانِهَا فِي نِهَايَةِ فَصْلُ الخَريفِ وتنجرف إلَى مَصِيرُهَا بتيارات السواقِ وَالْأَنْهَار . . . أَنَّهُ الْقَدْرُ .

قرّرتُ اليومَ ألَّا اُكْتُب،لَا عَنْ الْحُبِّ فيتعب قَلْبِي وتدبل مشاعري ، لَا عَنْ السِّيَاسَةِ فأُفسدُ عَقْلِيّ وأستفزُّ قناعاتي وَلَا عَنْ الدَّيْنِ خوفاً مِن أن أُتهم بالكفرِ والتجديفِ ، فأسدلتُ الستارةَ عَلَى نافذةِ أَحْلاَمِي وأوصدتُ أَبْوَاب الْخَوَاطِر وَالْأَفْكَار ، خاصمتُ حَوَريات الجنّة وجنيّاتها الأرض وأشحتُ بِوَجْهِي عَن ملائكةِ السَّمَاء . وَإِذَا بذاتٍ مِن ذَوَاتَي الِاثْنَيْن تنتفضُ عَلَى ذَاتِهَا وتتمرد عَلَيَّ فَتُرْفَع السَّتَائِرَ عَنِ نَوَافِذ أحلامي فأنبهرُ بنورِها وأنجرف بتياراتها وَتُفْتَح الْأَبْوَاب الموصدة بوجهِ الخواطرَ وَالْأَفْكَار فتتدفق شَلاَّلا جَارِفا يَأْخُذُنِي إلَى نَبَع الْمَعْرِفَة ويهديني مِفْتَاح الْأَسْرَار ، وأيضاً نَظَمَتِ الْأَشْعَار وَأَنْشَدْت لحواري الْأَرْض وجنيّاتها رغماً عَنِّي فرقصنَ لها فرحاً وسمعنَ ألحانها طرباً . . . وابتهلت لِمَلَائِكَة الرَّبّ بترانيمٍ سَمَاوِيَّة فَسَجَدْتُ أنا إمَامَ رَبِّي كفرتُ بِلَونِ الحبرِ وكسرتُ ما تبقّى من قَلَمِي

  1. أَرَى الخالقُ الْقَدِير يغطُّ فِي نومٍ عميقٍ عَلَى قطنِ السَّحَاب الْأَبْيَض السابح فِي سَمَاوَاتِه اللامتناهية ، وَأَرَى ايضاً أَرْوَاح الْبَشَر تَولد مِنْ انفاسهِ مَع كلِّ زَفِير وتتطاير كفراشات الرَّبِيع الْمُلَوَّنَة فِي مُرَوِّج الْحَيَاةِ الْفَانِيَةِ ، وَأَرَى نَفْسِي مندهشاً ومنبهراً كَيْف أَنَّهَا تَعُودُ مَعَ كُلِّ شهيقٍ إلَى اعماقِ خَالِقُهَا حاملةً ومَحْمَلُة مِن عذابِ وخطايا الدُّنْيَا لِتَغْتَسِل وتُطهر مِن آلامها وآثامها . أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدت رُوحِي مَا بينَ شَهِيق الْخَالِق وَزَفِيره وَأَصْبَحَت مُنْقَسِمَةٌ عَلَى ذَاتِهَا فِي صراعٍ ابديٍّ مَا بَيْنَ ذَوَاتِهَا الِاثْنَيْن تتصارع عَلَى الْغَلَبَة مَا بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ . الْحَبّ وَالْكَرَاهِيَة . الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ . الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ ، وَأَصْبَحَت مَسْجُونَة فِي نواةِ الْحَيَاة وسرَّها وَمَا بينَ الشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ ، فَإِن سِرُّ الْحَيَاةِ وَاسْتِمْرَارِهَا يكمنان فِي التَّنَاقُضِ والأضداد فلولاهما لانطفأت شُعْلَةٌ الْحَيَاة وَتَلَاشَى نُورَهَا كَمَا يَتَلَاشَى نُورِ الشَّمْسِ عِنْدَ سَاعَة الْغَسَق . وَلِأَنّ لكلِ خَطِيئَة عِقَاب ولأنني مُقْتَنِع بِأَن الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَيْسَ بريءً مِن جريمةِ قتلهِ كَمَا الْجَانِي وَأَرَى كِلاهُمَا مُذْنِبِين وَلَو بنسبٍ مُتَفَاوِتَةٌ ولأنني منقسمٌ عَلَى ذَاتِيٌّ الْمُتَأَلِّمَة وَالضَّائِعَة مَا بَيْنَ مِلَاك النُّور وَإِبْلِيس الظَّلَام ، وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ الْخَالِق مِن ثَبَاتِه الْعَمِيق ويمنعني عَنْ شُرْبِ كَأْس الِانْتِقَام واسكر مِن خَمَّرْته ، تِلْكَ الْخَمْرَةُ الْأَطْيَب والالذ عَلَى قَلْبِ الْبَشَر وَكَأَنَّهَا الدَّوَاء والبلسم لقلوبٍ طُعنة مِنْ سَاكِنِيهَا سأعاقبُ نَفْسِي وأعاقبكِ عَلَى مَااقْتَرَفَت أَيْدِينَا
    ساخاطبكِ ! نعم ولكن لن اخاطبكِ باي لقبٍ من الالقابِ التي أُخاطبُ بها نساء العالم ولن أكتب لك بأسلوبي لان قلمي رفض أن ينصاع لأصابعي ولأن خواطوي تمردت علي حينما لمحت خيالك من نافذة الحقيقة الساطعة . لا ولن أسمح لكِ أن تمرٌي على حدود خيالي للحظة واحدة ، عبثاً تحاولين الدُّخُول مِنْ جَدِيدٍ إلَى حدائقي المخمليّة مِنْ أَبْوَابِهَا الْوَاسِعَة فَإِن حَرَاس الْمَشَاعِر وخبراء الخِداع سيكونون لك بالمرصاد وسيمنعونك حتماً ، وَلَا تُحَاوِلَي أَن تتسلقي فَوْق اسوارها لأنَّ أَشْوَاك الرَّفْض ونبتات الاِسْتِشْعَار بِالْكَذِب ستهشم جَسَدِك الْعَارِي وتفضح حقيقكِ بَعْدَ أَنْ تُمزقَ عنكِ ثوبَ الْبَرَاءَة المزيَّف ، لَسْتِ أهلاً بِأَن تَدْخُلِي إلَى عَالَمَي مِنْ إحْدَى أَبْوَابِه السَّبْع حَتَّى مِنْ بَابِ المعرفةِ السطحيّة بَعْدَ أَنْ تَدَاخَلَت هالتك بهالاتِ مَنْ هُمْ بِعَالِمِ النَّمِيمَة والاسغتلال وتبدلتي وتحولتي مِن ملاكٍ يَنْشُد تَرَانِيم سَمَاوِيَّة إلَى خادمٍ أَعْمَى يُغَذِّي فِراخَ إبْلِيس بأطباقٍ مِنْ الْحَلْوَى فقد تعمدتي وتثبتّي في عالمهم واصبحتِ فردا من شلتهم بعدَ أَن ارتميتي بين احضانهم وتلوَّثت ذراتكِ بعناقٍ لَا اعْتَبَرَه بريئاً ابداً فَمَا زَالَ عَقْد الْخَطِيئَة يتدلّىَ حَوْل عنقكِ حَتَّى اللَّحْظَة مشغَولٌ عَلَى أَيْدِي أَمْهَر الْمُنَافِقِين وَالْكَذَّابِين ، .

.دايم دايم سأبقى في قلبك . لأن قلبي لا يتسع له ،اتخذتُ من قلبه ملجأ لي تشاركنا عروسة الزعتر في زوايا الملعب الترابي القديم حينما كنتُ وحيداً، تخاصمنا تصالحنا ؛فرحَ بفرحي وحزنَ لحزني ؛ أرشدني ألى طريق الحق وأبعدني عن الخطيئة ؛ واساني بأحزاني ؛. أحبني أكثر مما احببتهُ ؛ سامحني آلاف المرات رغم انانيتي وجهلي وتكرار أخطائي ؛ علمني المسامحة ولم أتخلى عن محاسبة الآخرين ؛ علمني التواضع وما زال التكبر في ملامح وجهي ؛ علمني العطاء وما زلت متمسكا بأنانيتي ؛ علمني التضحية في سبيل الحق وما زلت اتجاهل المحتاجين من حولي ؛ علمني المحبة وما زالت بذور البغض مدفونة في اعماقي ؛ علمنى الرحمة والمغفرة لم أتخلى عن القسوة ؛ علمني كيف أعيش الحياة وظِلُّ الموتَ يرافقني

يا أميرتي وتوأم روحي يا من تسببتي بجنوني وأنفصام ذاتي عن ذاتي يا من وصفتكِ بحورية الجنة وأخذتكِ إلى عالمي المميز وحلمتي معي وتلمّستي بأصابعكِ الدافئة وجه احلامي… أَوتسألين بعد عني وأين ضاعت خواطري مني ولمن أُرسلُ كتاباتي؟.! حينما لمحت عيناي تلك الدمعة تتدحرج كحبات البلور على وجنتيكِ أنكفأت الخواطر عني وضاعت في سماءِ مخيلتي وتبددت كما تتبدد الغيوم من سماءِ ربيعٍ دافيء. رست مشاعر الحزن والألم على شطآنِ ذاتي وبانت مسحت الحزن مع كل كلمة نطقت بها ومع كل آهٍ من آهاتي… فكيف لقلبٍ انسحق تحت رُحىَ مشاعركِ الباكية ان ينبث بحرفٍ قبل ان ينتعش من نظرة حبٍ ويشفى من ألمه بسحر بسماتك

حَذاري . قبلَ أَن تضعي أصابعَ قدمكِ العاجِيِّة فِي بحرِ حُبّي
!
لَكِنْ لَا تقلقي وَلَا تَجْزَعِي يَا سيِّدتي لَو تَلَاقَت نظرات عينايَ وتَعانَقت مَع نَظَرَات عينيكِ بدفئٍ وحنانٍ فَإِن قدرَ الْفُصُولِ التَّلَاقِي حتَّى وَلَو اختَلَفت بألوانها وَأشْكَالهَا.بدفئِ شَمسِهَا وبرودةِ نَسَماتِها ، فَبِلِقائها تَكتَملُ دورةُ الْحَيَاة . لَا تتوقعي أَن تتفتحَ زُهُور الحُبّ الْحَقِيقِيِّ فِي حدائقِ مشاعركِ الرقيقةَ إنْ لَمْ تَكُن بَرِيئَةٌ وَصَادِقَةٌ وتفضحُ بِرَائِحَةِ عطرها الطَّاهِر آثَاماً وخطايا مِنْ سَبَقِهَا مَنْ زَيْفِ مَشَاعِرٍ وَشَهَوَاتٍ تَشَوَّهَت فِي نظراتِ مِن التَقُوكِ مِن ذكورٍ لَيْسُوا رجالاً، . لَا تتأملي وَلَا تَنتَظري فَإِنَّ بَعْضَ الْفُصُول العاطفية قَدْ تَنْتَهِي قَبْلَ أَنْ تَبْدَأَ… لَا تخافي مِنْ الْحَبِّ يَا صغيرتي فَإِن حِبِّي حلمٌ قَد يَتَلَاشَى فِي ايَّةِ لحظةٍ مَع بزوغِ فَجْر الْوَاقِع ، وَقَد يتبدد كَمَا تتبدد الغُيُوم الْبَيْضَاءُ مِنْ سماءِ رَبِيع آتٍ… أَمَّا أَنَا يَا أميرتي ، قلقٌ عليكِ مِن ذَاتِيٌّ الثَّانِيَة ، اخافُ أَن تلامسَ يديكِ وتقبلَ وجنتيكِ ، أَن ترتشفَ مِنْ رَحِيقِ شفتيكِ أَن تَلَثُّمَ أَهْدَابَ عَيْنَيكِ المُلوُّنة وتتغلل فِي حَنَايَاها وعواطفها الجيّاشة ، أَن تَحرقَ جسدك العَاري بآلافِ القبولاتٍ من شفتينِ ملتهبينِ بجمرِ نارِ لحبٍ شهواتٍه لَا تنطفيء . أَخَافُ أَنْ تتضاجع مَع ذَاتِهَا فِي مَضْجَعِكِ الدافئ وتتسلل إلَى شهواتكِ الْمُشْتَعِلَة بِنَار الْغَرَائِز الْبَشَرِيَّة . أَخَافُ عَلَيْكِ مِنْ ذَاتِيٌّ الثَّانِيَةِ فَقَدْ تُعانقُكِ وتَضُمكِ بقوَّةِ حُبّي الْحَقِيقَية وجَبروتِ أشجاني حَتَّى تنسحقي وتصبحينَ غباراً لذرّاتٍ تتطايرَ كأرواحٍ تائهةٍ متألمةٍ فِي عالمِ العشقِ والحبِ ،ثم تسافرينَ على نسماتٍ ناعمةٍ تسبح فوقَ امواجَ بِحَاري الّلامتناهية رُبَّمَا تَعْلقينَ عَلَى اشرِعةِ سفينتي عَنْ طَرِيقِ الصدفةِ وأستنشِقُكِ عن غَيْرِ قَصْدٍ فِي نوبةِ بكاءٍ على فُقدانكِ بَعْدَ أَنْ أضَجرتكِ بكتاباتي فهجَرتي مخيلتي . أَستنشِقُكِ مَع كلِ شهيقٍ تدخلينَ بِهِ إلَى اعماقِ صَدْرِي وتَضِيعين فِي مَجْرَى عروقي الدَّقِيقَة تتحولين إلَى جِيناتٍ حَقِيقَيةٍ تَتَّلاقى مَع جِيناتي الخيالية ، حِينِهَا أصبحُ أَنَا ذاتكِ وتُصبحينَ انتِ ذَاتِيّ . . . .