بعدَ أن توفاني اللهُ في حُلمٍ غريب ذهبتُ طيفاً سابحاً في سماواتِ الدهشةِ لأتفقد ذاتي الفانية تحت ظلالِ أشجار المدافن فوجدتُ عبارةً مكتوبةٌ على جميعِ الأضرحة بما فيهم ضريحي لا يراها سوى من أصبح في عالم الأموات مفادها ( الحبُّ أبداً لا يُعرفُ ما لهُ من غورِ إلا ساعةَ الفراق)  

إِنَّهُ قَارِئٌ الْغَيْب وَعَالِمٌ بالحاضرِ والمستقبلْ ، نَعَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ (دَولة أَفِيش وَالْمُحَامِي عميزرع تَؤُمّ . ) 😂😂على مَدَى سنواتٍ مَضَت مَا كادَ يَنْتَهِي حديثٌ يَدُورُ فِي مَا بَيْنَنَا إلَّا وسمعتُ مِنْه تلكَ العِبارة الطريفة بطريقتِه المعهودةْ . لَا شَكَّ إنَّنِي كنتُ انزعجُ فِي بعضِ الْأَحْيَان واُستفزُ مِن كلامهِ علماً انهُ صديقٌ وفي وَمَن اصحابِ القلوبِ الْبَيْضَاء ، حِينِهَا لَمْ أَكُنْ اعلمْ حقيقةَ الأمْرُ الواقِعُ فِي بَلَدِنَا الْحَبِيب وكنتُ فِي حالةِ سُكرٍ وانخطاف بتنفيذِ الْأَعْمَال الْمَطْلُوب إنْجَازِها مِن ادارتِنا الْكَرِيمَة وَتَلْبِيَة رَغَبَات الْأَصْدِقَاء والاحباء مِن خدماتٌ عَلَى صَعِيدٍ تَرْكِيب أَو صِيَانَة الْخُطُوط وما إلى ذلك من خدمات في الشأنِ العام، أَمَّا الْيَوْمُ يَا صَدِيقِي وَزَمِيلِي الْعَزِيز وَبَعْدَ أَنْ اِسْتَفَقْت مَنْ حَلِمٍ جميل إلَى كابُوس حَقِيقِيٌّ أَجِد نَفْسِي بامَّس الْحَاجَةِ لِأَنَّ استعيرَ منكَ تلكَ الْعِبَارَة لاقذفُها بوجهِ مِن يَتَجَرَّأ ويستخف بعقولنا ويمطرنا بوعود كَاذِبَةٌ ثم يَتَسَلَّل فِي مَا بَيْنَنَا مِنْ خِلَالِ محاضرات موسمية تدغدغ الْمَشَاعِر وَالنُّفُوس أَو بادعائه بتفيذ مَشارِيع وَهْمِيَّةٌ مِنْ نَسْجِ الْخَيَال . أَلَم يَحِنْ الْوَقْتُ لِكَي نصحو .؟

دائماً أسمع في ظروفٍ صعبة وبعد أحكامٍ جائرة لا تُنصف المظلوم بوجهِ الظالم عبارة رفض واستنكار تقول:(بالنهاية لا يَصُح إلا الصحيح) وكأنها تُقال من قَبيل إرضاء الذات أو لإرضاء الآخرين أو بانتظار نهاية سعيدة قد لا تصل أبداً على قطار أحلامنا إلى محطةِ الحقِّ والإنصاف،ولكن نحن البشر نختلف في ما بيننا على مفهوم معنى كلمة الحق فلكلٍّ منا إله يخدم مصالحه فإله المسيحيين يدعو للتسامح والمحبة ونبذ العنف وإله المسلمين يدعو لأخذ النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن، وإله اليهود وعدهم بأرض الميعاد أرض إسرائيل من الفرات حتى النيل ويعتبرون أنفسهم شعب الله المختار ويحق لهم ما لا يحق لغيرهم ،والحق الذي نعرفه ليس واحداً وينطبق عليه ما ينطبق على مفهوم معنى كلمة الله بالنسبة للشعوب المتصارعة والمتناحرة على أرض الإله الواحد ،والحقيقة ليست واحدة فلكلٍّ منا حقيقة يؤمن بها والصحيح الذي ننتظر منه أن يَصُح قد يراهُ من هو بالجانب الآخر خطأ وهذا من وجهة نظره طبعاً ،أما ما يؤخذ بالقوة حتماً لا يُسترد إلا بالقوة والإتحاد ما بين من وقعَ عليهم الظلم والكيدية ، ولكن من وجهة نظري فإنَ نواة القوة تتكون في رحم العقيدة والمعتقد وهي بحاجة لرحم مرن كي تنمو وتتغذى على الإيمان والأتحاد وتصبح تلك المعتقدات راسخة بجسمٍ واحد وتغدو ذلك المارد المتمرد الذي يخلع ملوك الموت والظلم عن عروشهم المزيّفةِ مهما عظم شأنهم لكن لو كان ذلك الرحم صلب وغير قادر على التمدد والأنفتاح والتطور ويفتقر إلى الإيمان ٠ستبقى نواة القوة جنينٌ عاجزٌ عن النمو في رحمِ التطرف والتصلّب وسيكون مصيره الأجهاض على أيّدي أبالسة الفتنة والإحباط ، 

النصيحة بجَمَل
نصحني أحد الأصدقاء منذُ أيام وتمنى علي أن أتوسع بعلاقاتي مع النساء وأن لا تكن أهتماماتي محصورة بأمرأة واحدة كي لا تُحسب علي وكأنها حبيبتي ويُكشف أمري، وهكذا أقطع الطريق على المشككين وأتخلص ممن يحشرون أنوفهم في أمورٍ لا تعنيهم (ويضيع الشنكاش) في الحقيقة عملتُ بنصيحته وراقني الأمر حتى إنني أرسلتُ له أكثر من رسالة أشكره على ما تقدمَ بهِ لي من توجيهاتٍ مفيدة وتعهدتُ بأن أقدمَ له جَمَلاً ثمن النصيحة شرط أن يجد لي (الشنكاش) الذي ضاع في خِضَمِّ هذه المعمعة وما زلنا حتى اليوم هو يبحثُ لي عن شنكاشي وأنا متمسكٌ بعنقِ بجملي.

صادفتُ بينما كنتُ منهمكاً بقرأتِ بعض الأمثال العربية تائهاً ما بين سطورها محاولاً أن أُفسر معانيها تلكَ العبارة التي تقول ( القافلة تسير والكلاب تنبح) من وجهة نظري فإن الكاتب لا يقصد بقوله أن يضع الكلاب موضع التحقير أنما بموضوع التنبيه وتحويل أنتباه من تشتت أفكاره إلى تقدم الآخرين عليه بينما هو متلهي بالقشور غافلاً عن الجوهر وأنا بدوري أقول : ما الضير لو نبحت الكلاب ما دامت القوافل تتقدم!؟

في البداية أتعبني وضقتُ به ذرعاً ، كان يخطفني يومياً من أحضانِ كرسيِّ الهزاز ملجأي وراحتي أو من أمامِ شاشة التلفاز لفتراتٍ زمنية غير معروفة إلى حيث يرغب دون مشورتي أو استأذاني أتعبني لا بل أرهقني. كنتُ مرغماً على مرافقته يومياً وبأنتظام حتى عرفته عن قرب وكنتُ في كُلِّ مرة أقتنعُ به أكثر وبتُّ أشعر بشيءٍ من الرضى حينما أعود لأختلي بنفسي وأُقيّمُ ذاتي ، أحببته حتى الأدمان بعد أن نظّمَ لي نبضات قلبي وتغلغل في شراييني وداوى عروقي. إنه صديق الطفولة الذي أضعته ما بين متطلبات الحياة العصرية وثورة التكنولوجية، أعادته إلى ذاكرتي ظروفي الصعبة ولبّا حاجاتي حينما ناديتهُ..جميعكم عرفتموه منذ خطوتوا خطوتكم الأولى وحثكم على النهوض في كُلِّ مرة كنتم تتعثرون بها باللاشيء . إنه المشي نعم إنه المشي خير رفيق وطبيب..!

حينما سَجَدتْ على قدميه تستجدي منهُ الصفح والغفران كانت خصلات شعرها الأشعث تنسدلُ على وجهها وكأنها ستائرٌ مخملية نختبيءُ خلفها نحن البشر من وجهِ الخالق عراتٌ حاملين أرواحنا الطاهرة على أكفِّ ذواتنا الضعيفة أمام وجه الخطيئة .!.أنتشلها بيدها من مستنقعات المجتمعاتِ الظالمة، أخذها بين ذراعيه، ضمّها إلى صدره برفقٍ وحنان ثم همسَ لها بكلماتٍ أُلوهية لا تشبهُ بمعانيها لُغَةُ البشر ،كلماتٍ يذوب لها القلبُ من شدّةِ حلاوتها وتنتعشُ بها الروح من عمقً طهارتها ، تنهدت من صميم قلبٍ جريح وقالت : إنْ عذوبةَ صوتك وطُهرِ أنفاسك يُشعراني بدفئِ وأمان وكأنهما نسمات ناعمة أنعشت قلبي من لهيبِ شمسٍ أحرقت روحي في ظهيرة صيفٍ الضياع والخطيئة ولكنني أشعرُ بأنَ خلفَ تلكَ النسمات الهادئة تكمن أعاصير وعواصف قد تقتلع الطغات عن عروشٍ تمددت جذورها بتربة الظلمة وتلهمُ مجتمعات ضالة إلى طريق الخلاص
تمسَّكت بحبال الأوهام التي نُسجت على نول الملذات في دنيا الفناء بأنامل أبليس ولوّنتها حثالة البشر بألوان المتعة والإغراء.

بالأمسِ وبعد أن سمعتُ نقاشاً عقيم حولَ أمرين محظورين في السياسة ورواتب القطاع العام خارت قواي من شدّةِ الألمِ وغَفوتُ على أريكتي بعد أن نالَ مني التعب وإذ بأريكتي تتحول طوفاً تطفو بي على بحار الأحلامِ تتقاذفها خيبات الْأَمَلِ حَتَّى وَصَلَت بي إلَى أَحَدٍ الشطآنِ ،نزلتُ من على طوفي وتمشيتُ على الرمالِ الدافئة بحثاً عن برِّ الأمانِ ،كنتُ أتلفتُ خلفي بينَ الفينةِ والأخرى أتفقدُ آثارَ أقدامي خوفاً أن تضيعَ مني بقيتُ على هذه الحال حتى أرعبني صدى صوتٌ من جسمٍ قد سقطَ فجأة على مقربةٍ مني بيضاوي الشكل وكأنهُ خزَّانِ، بقيتُ متسمّراً بمكاني مذهولٌ لا أقوى على الحركة انتظرتُ حتى انقشعت الغبار وانجلت الرؤية تقدمتُ رويداً رويداً نحو ذلك الزائر الغريب الآتي من الفضاء حتى بانت ملامحه وتأكدتُ من ظنوني، جلستُ متظللاً بقربه بعد أن تأكدت بأنهُ خزانُ وقود رمته إحدى المركبات الفضائية بعد أن أوصلها إلى مقصدها وأصبح عِبئاً عليها. وما زلتُ حتى اللحظة لا أعلم إن كان ذلك الصوت الذي سمعته حينما قال لي لا تحزن يا صاحبي فإن مصيري متشابهٌ مع مصيرك هو حقيقة أم سراب !؟ لو توقفنا عند هذه النقطة لأصابنا الإحباط لكن نحن لسنا بخزان وقود كي يتم رمينا حينما نصلُ بأصحاب النفوذ إلى مقصدهم، لأن خزان الوقود لا يستطيع أن يدافع عن نفسه وليس له رأي إنما نحن أصحاب حق سنبقى متمسكين بالمركبة حتى النهاية إما أن نُحلق سويةً في سماء الرواتب المحقة أم سنسقط جميعاً إلى قعرِ الهاوية… القطاع العام

عِندما يتمردُ القلبُ على قطارِ الزمنِ ويصبحُ عالقاً في العَقدِ الثالثِ .ِتحتَ تأثير سحر عيناك يا سيّدتي
عندما يُدمنُ القلبُ رائحةَ عطرُكِ ويضيعُ بينَ خصلاتِ شعُركِ الذهبي ،
عندما تنضجُ ثمار العقلُ تحت دفيء سنين العمر ويبقى القلبُ في سنِّ المراهقة يلهّو في حدائقِ جنَّاتكِ يا أميرتي. عِندها فقط تُصيبُني عوارضُ الأرق والقلق لأستيقظ مع كلِّ صباحٍ على نقاشٍ وعِتابٍ ما بين قلبي وعقلي ما يلبسُ أن يتحَول إلى صراعٍ مريرٍ أخشى أن أبوحَ بأسرارهِ

العميدُ الرُكن
إلى عميدنا العزيز ، الصديق الغالي، والأخ الحبيب الذي لطالما اعتمدنا عليه في الظروفِ الصعبة منذُ ان عرفناه وما زلنا حتى اللحظة واستمدينا منه الثقة والقوة في الاوقات الحرجة . كنت وما زلت درعنا المنيع الذي يحمي صدورنا من طلقات الغدر والتجنّي ومثالنا الأعلى في التضحية والوفاء للوطن دون سواه… عميدٌ ركنٌ ارتكنَّا إلى آرائكَ وعملنا بتوجيهاتكَ في قراراتنا الَمصيرية والصعبة. قمت بتقديم الكثير من الخدمات عندما كنت تتربع في اعلى المراكز متمسكاً بثوبِ التواضع دون تفرقة او تمييز مناطقيّ او طائفيّ. أتمنى لك ولعائلتك الصحة والعافية . وبعد ان قرات لك ولأكثر من مرة عن مواضيع اساسية، حساسة وحرجة وآراء سياسية جريئة وشفافة تجعلُ منّا عراةٌ امام المجتمع من ثيابِ الكذب والتملق نطلُّ بآرائنا بوجوهٍ صادقة وواضحة وضوح الحقيقة الساطعة بلا اقنعة تتغير وتتبدل حسب المصالح والظروف … لا شك انك تتمتع بما يكفي من الجرأة والذكاء ما يجعلك تستخلص الخير من مصدر الشر وتستمد النور من أبناء الظلمة وانك بما تجاهر وتقترح تضع الاصبع على الجرحِ النازف وتعالج في مكامن المرض وتشير إلى المقصرين في بلدنا الجريح. أخشى ان تكون ايادي الشر تعبث بالوان بلدنا المميزة لتجعل منه لوناً واحداً قاتماً..