ما هو الإنتظار ؟ هل هي حالة تفرض علينا في حياتنا اليومية منذُ ولادتنا أم إنها من مشتقات القدر؟! الإنتظار كلمةٌ تستحقُ أن ترتقي إلى مستوى الصفِ الأول لكلماتٍ ومعانٍ لها تاثيرٌ كبيرٌ في حياةِ البشر، فالإنتظارُ فعلٌ لا إرادي يستنزفُ الكثير من الوقتِ والطاقةِ خلال حياتنا ولهُ انعكاساتٌ معينَّةٌ على مصيرِنا وقراراتنا. رحلةُ الإنتظار تبدأُ من اللحظةِ التي يهبنا اللهُ فيها نعمةَ الحياة. تنتظرُ الأمُ الجنينَ تسعةَ أشهرٍ ليصبحَ طفلاً لتغمرهُ بعطفها وحنانها . ينتظرُ المريضُ نتيجةَ الصراع ما بينَ المرضِ والصحة . إنتظارُ المزارع للمطر، إنتظارُ العاشق للقاءِ الحبيب. إنتظارُ الطالب لنتائجِ الامتحانات. إنتظارُ الموظف نهاية الشهر موعد قبض الراتب… هناكَ محطاتٌ كثيرةٌ في حياتنا نكونُ فيها في ثلاجةِ الانتظار ولو اردنا ان نذكرها كلها لما انتهينا. في الأمسِ القريب كُنا ننتظرُ تشكيلَ حكومةٍ تضعُ خطة انقاذ إقتصادية تستدرك الانهيار الحاصل، باتت بدورها تنتظرُ أن يكتملَ النصاب لانعقادِ الجلساتِ المنتظرة ، أما بعد الجلسات المعدودة غير المنتجة أصبحوا في انتظارِ اي تحركٍ دبلوماسي يكسر طوق العزلة ويفتحُ ثغرةً في جدارِ المجهول. أما بعضُنا اليوم ينتظر موعد الإنتخابات الريأسية على أمل أن تحصل وتترك نتائجها انعكاسات ايجابية على حياةِ المواطن… يبقى ان نعلم إن الأمل يترافق دائماً مع فترات الإنتظار ولا يفارقه ابدا. وما أصعب الحياة لولا فسحة الأمل…
احسن ما نقول المتل اللبناني الشعبي :نطور يا…. تاينبت الحشيش.!!

بالأمسِ ، دارَ حديثٌ ما بيني وبينَ إحدى السيدات اللواتي يتمتعنَ بحسٍ مُرهفْ وذَوقٍ رفيعْ باستشعارِ واستنباضِ ما يُكتب بين السطورِ من خواطرِ ورسائل مشفرة. ضِفْ إلى انها تتمتع بما يكفي من السحرِ والجمال لأغراءِ ناسكٍ متعبِدِ… تسامرنا وتناقشنا بأمورٍ عديدة حتى انجرفنا بتيارِ الحديثِ المحظور وبتنا نطفو على مشاعرٍ تتأرجحُ ما بين الحبِ والإعجاب يَكبحُها بين الحينِ والآخر صوتُ حراس الهيكل…. حراسٌ يُحذروننا من المَسِّ بلوحةِ الفسيفساءِ المقدسةْ ،تلكَ اللوحةِ التي تشكلت عبرَ الزمن من اجزاءِ قلوبٍ تحطمتْ وتمردتْ على قوانينِ المجتمعاتِ الظالمة وكَسَرتْ قيود الأستعباد وحررتْ المشاعرَ المسجونة من أقبيةِ الجهلِ التخَلّف… كانتِ العواطفُ الجياشة وأباليسُ الأغراءِ قد بنتْ جدراناً ما بيننا وبين الواقعِ والحقيقة ، وصمَّتْ آذاننا بقطنِ الأحلامِ الزائفةِ والمتعةِ الزائلة وحالت دونَ سماعِ أصواتِ الحراسِ وتحذيراتهم… وضعنا جُسمان الحب على مشرحةِ المعرفة بعد أن تخدرَ من وقعِ الكلامِ المعسول وهمساتٍ بُثَتْ على موجاتٍ متدنية لا يسمَعَها سوى العاشقُ الولهان….باشرنا باكتشاف اسرارِ الحب بمبضعِ الحشرية وعلى ضوءِ التمردِ وغُصنا بأغوارِ الممنوعِ والمحظورِ حتى وصلنا إلى بذورٍ سحريةٍ لا نستطيع أن نراها بالعين المجردة، مزروعةٌ في قلوبِ البشرِ منذُ الأزل، محجوبةٌ تحتَ ضبابِ متطلبات الحياةِ العصريّة لا تنمو براعمها إلا حينها تلتقي بمن يُسمعها انغامِ المشاعرِ الصادقة ولا ترتوي وتكبر إلا بدموعِ التضحية والعطاء.
…. انها بذورُ الحُب..!!

هكذا أجابته بعد أن أحرجها بسؤالٍ عاطفي : أرجوكَ أن تفهمني لقد أحببتكَ بالفعل ولا أريد أن أخسركَ ولكن ضميري لا يسمحُ لي أن أتواجد معك في ظروفي ولا يسعني إلا أن أرضخ بما يمليه علي ضميري وكأنه صوت الله الحق… تنهدَ من ألمِ شوقٍ يحرقُ قلبه ثم قال : حبيبة قلبي وبلسم روحي لو كان ضمير البشر واحد لا يتغير مثل الإله الحق لكانت شعوب الأرض استغنت عن الأديان والكتب السماوية والقوانين المدنية التي تنطم حياة المجتمعات وعملت بما يملي عليها ضميرها كونه واحد لا يتغير ،وأنقلب عالمنا من دنيا الشقاء إلى فسحاتٍ من الجنة ، إنما في الواقع فإن ضمائر البشر تختلف عن بعضها البعض كلٌ حسب البيئة ، المجتمع والدين او المعتقد . هو حجرٌ منحوت على أيدي مجتمعات مختلفة بالقياس, الشكل والمعنى بما يتناسب مع مصالح الزعيم ورجل الدين… فمن قال لكِ يا سيدتي ان تحتجزي مشاعركِ المقدسة في أقبية الجهلِ والتخلف ، فلا يستطيع الإنسان َمهما عظمَ شأنه ان يسجن بقوانينهِ ما خلقهُ الله حراً، قد يستطيع الإنسان أن يهب نفسه لشخصٍ آخر بموجب عقد لمدى الحياة ولكنه لا يستطيع أن بضمن له مشاعره او يحبسها داخل صدره فقد تتمرد على ذاتها في غفلةٍ منا وتتفلت من بين ضلوعه تحت ظروف معينة كما تفلتت حرة من بين أصابع الخالق القدير لحظة ولادتها بمشيئته ورضاه

بعدَ أن رَزقنا الله بطفلنا الأول وقفتُ في إحدى ليالي الشتاءِ الباردةّ داخل غرفته وكان ما زالَ رضيعاً ، في قلبي نهرٌ جارفٌ من السعادةِ والحنانْ وعلى كاهلي جبلٌ هائلٌ من الخوفِ والمسؤوليةْ ،… ، قطعتُ لهُ وعداً وعلى نفسي عهداً بأنَّ كلَّ شيءٍ سيكونُ على ما يرام، وجدتُ نفسي اسيرُ على خُطى ذلكَ الرجل الذي قطعَ نفسَ الوعدْ والعهدْ منذُ سنينٍ مضت ،حينها كنتُ لا ازالُ طفلاً ضمن عائلةً من الاخوةِ والأخواتِ يقاربُ عدد افرادها عدد أصابعُ اليدين ،كنتُ اعلمُ انهُ سيكونُ كلَّ شيءٍ على ما يرام بالرغمِ من الظروفٍ المعيشيةِ الصعبة في تلكََ الحقبةِ من الزمنِ التي كانتْ تَتطلَّب السعي الدائم لتأمينِ لقمة العيش….. وهبني ابي الثقةَ بالنفسِ وعلّمني أنَ خدمةَ ومحبة الناسِ رصيدٌ مهمٌ يُصرفُ منهُ في ظروفٍ أستثنائيةٍ وحرجةْ… عندما دفنتُ ابي وعدتُ إلى البيتِ عانقتُ أُمي أو ما تبقَّى من تلكَ المرأةِ الثكلىَ التي بالكاد عرفتني والتي نذرتْ حياتها لأجلِ عائلتها ، حينها ادركتُ انني خسرتُ الرجلَ الوحيد الذي حاربَ وناضلَ لأكون افضل منه….

اليوم ضاعت مني ذاتي الثانية بعد أن أرسلتها بحثاً عن ذاتها التوأم التي انسحرت بالأمسِ بأغراءِ عينيكِ الملوَّنة وانجذبت لاكتشافِ أسرارها ولم أعد أعلم إن كانا ضائعان بالفعل أم إنهما سكرا برائحةِ عطرك ونذرا الخدمة والطاعة على أقدامِ عرشكِ وأصبحتُ أنا بكياني وروحي مُلكاً لكِ يا مُنقذتي من أوهامي ،يا أميرةَ قلبي.أنتِ عصفورةَ احلامي، صغيرتي ، ملهمتي وطبيبة أخزاني. ❤️❤❤❤

التَّذْكَار شكلٌ مِن اشكالِ اللقاء فَلَو رَغْبَتِي يَا حبيبتي أَنْ نَلْتَقِيَ الْيَوْم تذكريني بكلِّ قوَّتك كَمَا اتذكركِ أَنَا وسنلتقي حتماً في حلمٍ جميل عَلَى دروبِ الْحَقِيقَة تَحْت ظلالِ أشجار الحب البرئ . أمّا النِّسْيَان فَهُو شكلٌ مِن اشكالِ الْحُرِّيَّة فَلَو وجدتِ نَفْسِك مسجونةٌ مَا بينَ حِبِّي وَقَوَانِين الْبَشَر إنسيني عَلَى الْفَوْرِ وَانْطَلِقِي بنفسكِ إلَى سماءِ الْحُرِّيَّة ولا تخشي على قلبي فلا يسعك أن تكسري ما بات حطاماً فَأَيْنَمَا ذهبتي يَا صغيرتي حتماً سنلتقي لِأَنّ بِذَاتِي شيءٌ مِن بذورِ الْحُرِّيَّة والتمرد . إلَى اللِّقَاء .

حينما رأتهم عيناي تقوقعت ذاتي على نفسها من الخجل وصرخ ضميري متأوهاً من شدّةِ الألم ، ذُهلَ الذهول ،وتعجّبَ العجبُ من أُناسٍ يتخذونَ من الأديان ستارةً يختبؤون خلفها لارتكابِ المعصية ويلبسونَ رِداءَ القداسة على أجسادٍ عفنة تفوح منها رائحة الآثامِ وتطلُّ الخطيئة برأسها من خلفِ رداءٍ مزخرف بأزرارٍ مطرَّزة

مهلاً لأخبركم عن قصة حذاء منسي على أطرافِ الزمن . كثيرون من اعتقدوا بأنهم يعرفونَني وأنا ايضاً ظننتُ لسنواتٍ مضت من عمري بأنني أعرفُ نفسي . في الحقيقةِ عشتُ معظم حياتي ما بينَ الواقع والخيال أبحثُ عن ذاتي في طيّاتِ قناعاتي ،مبادئي ومعتقداتي وما زلتُ حتى اليوم ضائع في أسرارِ هذا الكون والمتاهاتِ . دعوني أروي لكم ما حصلَ معي منذُ فترة من الزمن .
بعدَ أن تكاثرتْ علي الهموم وشوَشتْ أفكاري التوقعات والتحاليل السياسية على محطاتِ التلفزة ومواقع التواصل الإجتماعي عن الأزماتِ المتلاحقة والإنهيار الحاصل في هذهِ المرحلةِ الصعبةْ… غلبني الضجر ونالَ مني التعب بعد صراعٍ مرير وصيفٍ طويل لتأمين الحاجات الأساسية الملحَّة ؛ وما زادَ الهمّ فوقَ الغمْ سوى خلافٍ وقعَ ما بيني وبينَ حبيبتي وأميرتي على جنس الجن ولونه ، وبتُ عالقاً ما بينَ اليقظة والحلم، ثمَ وجدتُ نفسي خارجاً أسيرُ على غيرِ هُدى من شدةِ الحردِ والضياع ، هرباً من الوباءِ المشؤم مدجدجٌ بما املكُ من أسلحةٍ لمجابهةِ الكورونا والإنهيار…
الكمامة ، القفازات، ومعقمُ اليدين برائحةِ النعناع مستقويا بايماني بالله وبمسبحةِ العذراء مريم حولَ عُنقي مصنوعةٌ من خشبِ الوردِ المعطر بعطرٍ سماوي؛ وما زلتُ اجهلُ
إن كان ذاك العطر يعبقُ من خشبِ الوردِ أم من أناملِ أميرتي صاحبةُ الهدية!!! وبعد أن وصلتُ إلى مفترقِ طرقٍ لا يبعد سوى مئاتِ الأمتارِ عن منزلي دفعتني حشريتي أن أدخلَ بذاكَ الطريق الترابي الضيق وقد أصبحَ من أشباه الطرقات بعد أن نبتت وتكاثرتْ الأعشابُ البريةُ على جانبيهِ وانتصبتْ كفصيلةٍ من العسكرِ التركي تؤدي التحية لكلِ من تجرأ ودخل…
ومما أخاف وماذا سأخسر؟ وقد عتقّتُ الكتابةَ والشعر واعتزلتُ العشق والغرام؛ شددتُ همتي وعزيمتي، تسارعت خطواتي حتى وصلت إلى خرابٍ قديم نهاية الطريق؛ وقد نقشتْ حباتُ المطر على جدرانهِ لوحات مزخرفة وتسابقتْ العصافير لبناءِ اعشاشها على شرفاتهِ ؛ تراصفتْ الاعشابُ والازهارُ البرية الملونة بين مداميك حجارته الضخمة العتيقة بخطوط عامودية وافقية لتشكل اروع اللوحات الفنية…
جلستُ على مقعدٍ قديم من حجرٍ مقصوب يقابلني بابٌ مخلوع تعلوهُ عتبةٌ ضخمةٌ منحوتٌ عليها رسمُ الصليب وكلمة يا رب؛ ولا يسعني إلا التوقف والتأمل بتلك العتبة المتواضعة والمنخفضة بشكل واضح مقارنةً مع البناء الحديث وقد كانت تقفُ حاجزاً ومانعاً لدخولِ العسكر التركي على صهواتِ جيادِهم للتنكيلِ بالعوائل الآمنة …
من خلالِ ذلكَ البابِ العتيق المكسور تسللتْ أشعةُ الشمس الى الداخلِ كخيوطٍ ذهبية تربطُ ما بين الحاضر والماضي البعيد؛ انتصبتُ وافقاً ومشيتُ متوجهاً الى الداخلِ من دونِ أن أشيحَ بنظري عن حذاءٍ عتيقٍ منسي في إحدى زوايا ذاك الخرابِ ؛ ولاحظتُ من النظرةِ الأولى وبوضوح المفارقة الكبيرة من حيث الحجم ما بينه وبين الأحذية العصرية… اقتربتُ رويداً رويداً وبهدؤ وكأنني حريصٌ ألا أُوقظهُ من ثباتهِ العميق؛ اقتربتُ متأملاً متفحصاً الجروح والكدمات التي اصابتهُ وقد بدى واضحاً وجلياً خضوعه لعملياتِ جراحية لانقاذه من بعض الحوادث التي تعرض لها على مر السنين؛
الفردتان مصنوعتان من الجلدِ السميك بلونِ ترابِ الارض ، نعالهُ مفصّلة من بقايا اطارٍ عتيق؛ لكلِ فردةٍ شكلها الخاص وملامحها الخاصة ؛ ترافقا على مدى سنواتٍ، تشاركا بالأعمالِ الشاقة ، النزهاتِ الجميلة واوقاتِ الاستراحة؛ يتبعادان عند الخصام ويتقاربان وقت الرضى؛ …
تعجبتُ من نفسي بعد ان خطرَ لي ان انتعلهُ ؛ وقفتُ مبتسماً متردداً خلعت حذائي الرياضي وانتعلتهُ وما أن وطئت قدمي نعاله حتى تقمصّتُ برجل قُروي قويُ البنية عريضُ المنكبين؛ يرتدي شروال اسود وعلى راسهِ لبادٌ من الصوفِ؛ يُمسِكُ بيدهِ المحراث ، يسوقُ ثورين ضخمين ويصيحُ بهما بكلماتٍ غير مفهومة؛ بقيتُ على هذه الحال حتى سمعتُ صوت امراة تناديني؛ التفتُ لاجدَ خلفي اميرتي تعمل على جمعِ البطاط من بينِ اثلامِ الترابِ الأسمر…
وتقول: اسم الله، اسم الله السني الموسم حرزان…

منذُ صغرنا تنطبعُ بمخيلتنا صوراً وتترسخُ بأفكارنا معتقداتاً قد تكون خاطئة عن ملاكنا الحارس فلكُلٍّ منا ملاكاً يحرسه ، أما أنا لي مع ملاكي قصةً مختلفة . حينما التقيتُ به للمرة الأولى حسبتهُ شخصاً تقليدياً بدا لطيف ، حَسنُ المظهر يهوى العلاقات الإجتماعية وحسبتُ نفسي رقماً إضافياً في رصيده الغني بأشخاصٍ وفعاليات كان قد عرفهم من قبل أن يعرفني برعوا في مجال خدمة الشأن العام وما أكثرهم ، فقد خدعني بحسنِ استقباله ،ببسمته العريضة ومظهره الأنيق وأخفى عني حقيقة أمره خلف ضباب المظاهر البشرية البسيطة ، رافقني على دروب الحياة لسنواتٍ طويلة ،تشاركنا وعائلاتنا في مناسبات سعيدة وعديدة ، كان لي خيرُ رفيق وصديق .أغرقني أكثر وأكثر في بحرِ إهتمامه ومحبته ،تضحياته وخدماته اللامتناهية حتى تغيَّرَ مجرى حياتي إلى الأفضل ورست سفني المثقلة بأنواعِ الهموم ومتطلبات الحياة على برِّ الأمانِ والطمأنينة ، أوهمني بأنه مجرد أخٍ وصديق وانسحق تحتَ رحى طواحين الطيبة والتواضع إلى أن شاءَ القدر أن يفضح أمره ويكشف سرّهُ يُسقطُ عن وجههُ قناعَ الإنسان ويخلعُ عنهُ رداء البشر ، فقد حضرَ أمامي وعلى غفلةٍ من ذاتهِ في صبيحةِ يومٍ من أيامي الصعبة على شكلِ ملاك وقد غفلَ عنه أن يتقمصَ بشخصية البشر حيث كنتُ على وشك الخضوع لعمليةٍ جراحية،كان على علمٍ ودِراية عن وضعي الصحي وحالتي الحرجة أكثر مما كنتُ أعرفُ عن ذاتي حينها، أطلَّ علي بطلته البهيه ،خاطبني متمنياً لي صباحاً جميلاً وأخبرني إنه سيبقى معي في كُلِّ ظروفي ويرافقني في رحلتي حتى النهاية،أزاح عن صدري كابوس الخوف والقلق وزرع في قلبي زهور الفرح والطمأنينة. إنه هو صديقي وملاكي الحارس

يبقىَ السحرُ وهمٌ إلى أن نقعَ فيهِ!! .
كنتُ لا أزالُ في مرحلةِ النقاهةِ والشفاءِ من ألمِ جراحٍ أصابتْ قلبي وانهكت روحي في معركةٍ غير متكافئة ما بينَ مشاعري الرقيقةَ وقسوةِ الزمن… . جلستُ على ذلكَ الكُرسي في منطقةٍ اعتبرتها مُحايدةْ بعيداً عن سهامِ آلهة الحبِّ التي تتطاير من نظراتِ حسناواتٍ تكادُ ان تتفوقَ بسحرِها وجمالها على جواري السلطان سليمان…. التجأتُ الى تلكَ الزاويةِ هرباً من مراجعاتِ الناسِ وحشريّة البشر ، متكأً على همومي استعطفُ الزمن علّني أستطيعُ أن استقرضَ منه بعضاً من الوقتِ المستقطعِ لاستريحُ استراحة المحارب ريثما تلتئمُ جراحي وتهدأ خواطري… . وإذ بلمعانٍ قويٍ يشبهُ لمعانُ البرق يخترقُ عيناي . صمتٌ وسكونٌ عميق يلفُ المكان، للحظاتٍ تخالُ نفسكَ خارجَ كوكبِ الأرض، احساسٌ بدفئٍ غريب يجري في عروقي وشعورٌ بسلامٍ داخلي لا يوصف ثمَ سمعتُ صدى لطلقاتٍ نارية أخالُها أصابتني….. ذلك بعد ان وجدت نفسي مستلقياً على أرضِ الغرفة مضرجاً بدمائي وعينايَ شاخصةٌ نحوَ سقفِ الغرفةِ تحدقُ في نورٍ يتلاشى مع كلِ لحظةٍ حتى انطفاءَ …!! عجباً ما الذي حصل?! أَرى نفسي من فوق.!؟ يا إلهي هل انا ميت!؟ عمَّت الفوضى داخل الغرفة ودبَّ الرعبُ في قلوب الحاضرين، كنتُ أرى ذلك من عُلياي حتى تقدمتْ إحدى السيدات من بينِ الجموعِ بخطواتٍ واثقة نحو جسدي المصاب، جثت على ركبتيها أمسكتْ شعرَها بكلتا يديها ورفعته إلى أعلى راسها وقد تشكلَ تاجاً على رأسِ اميرةٍ بعد ان ربطته بطريقتها المعهودة كاشفةً بذلك عن مدى وروعةِ الجمالِ والأغراءِ في عنقها العاجي . وَضَعتْ يدها على الجرحِ النازف وضغطت برفقٍ وحنان ، ثمَ انحنت براسها فوق وجهي حتى شَعرتُ بحرارة شفتيها الورديتين على أطرافِ اذني وهَمَستْ (بحبك) ارتعشت اطرافي وخفق قلبي 😍😂😂😂…!! . يتبع